ما من نشاط إنساني يستأهل إنفاق الساعات الطوال فيه سوى المشي والكتابة. لا أخال يوماً لم أزجّهِ بالمشي وإلا شرِقتُ به؛ إذ تصير الأرض أخف ويستقيم مزاجي ونفَسي معاً. بينما الكتابة تدرّبني على التبذير: أن الهواء في الخارج غير كافٍ للتحليق، ويجب توسّل القلم كآلة استنشاق تنقّي في دمي وجوفي المسامات والنسائم، وحين أفرغ من الكتابة (تدوين نص أو تدبيج قصيدة) لِبَنات أفكاري تندلق مِسكبة الزهور في أعطافي فأفرد جناحي، وأطير تاركاً تهاويمي في حال تذبذب بين الأرض والسماء تقطف ثمرات الكرى.